
جودة الهواء النقي هي عنصر أساسي لضمان صحة الإنسان والبيئة. ينطوي تلوث الهواء على العديد من المخاطر الصحية الخطيرة، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي والقلب والسرطان. كما يمكن أن يضر التلوث بالنظم البيئية والمناخ العالمي. لذلك، من الضروري مراقبة جودة الهواء وقياس مستويات الملوثات بدقة عن طريق شركة فحوصات الجودة لتحديد المصادر الرئيسية للتلوث واتخاذ الإجراءات المناسبة للحد منها.
تتضمن الملوثات الرئيسية للهواء الملوثات الغازية والجسيمات الصلبة العالقة. تنتج الملوثات الغازية، مثل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون والهيدروكربونات، من احتراق الوقود الأحفوري والعمليات الصناعية. أما الجسيمات الصلبة العالقة (PM) فهي مواد صلبة أو قطرات سائلة دقيقة معلقة في الهواء، والتي تنتج من مصادر طبيعية، مثل العواصف الترابية والبراكين، أو من مصادر بشرية، مثل احتراق الوقود والعمليات الصناعية.
الملوثات الغازية:
تعتبر الملوثات الغازية من أكثر الملوثات شيوعًا وخطورة في الهواء. تشمل الملوثات الغازية الرئيسية ما يلي:
1. أكاسيد الكبريت (SOx): تنتج أكاسيد الكبريت، وخاصة ثاني أكسيد الكبريت (SO2)، من احتراق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط، والعمليات الصناعية، مثل إنتاج الأسمنت. يمكن أن تسبب أكاسيد الكبريت أمراض الجهاز التنفسي وتلف المحاصيل والأبنية.
2. أكاسيد النيتروجين (NOx): تنتج أكاسيد النيتروجين، وخاصة أكسيد النيتروجين (NO) وثاني أكسيد النيتروجين (NO2)، من احتراق الوقود في المركبات والمصانع والمحطات الكهربائية. يمكن أن تسبب أكاسيد النيتروجين مشاكل في الجهاز التنفسي وتساهم في تكوين الضباب الدخاني والأمطار الحمضية.
3. أول أكسيد الكربون (CO): ينتج أول أكسيد الكربون من احتراق غير كامل للوقود في المركبات والمصانع والمنازل. يمكن أن يسبب أول أكسيد الكربون الاختناق والإغماء ويشكل خطرًا خاصًا في الأماكن المغلقة.
4. الهيدروكربونات: تشمل الهيدروكربونات المركبات العضوية المتطايرة (VOCs) والمركبات العضوية الثابتة (SVOCs). تنتج هذه الملوثات من احتراق الوقود وعمليات صناعية معينة، مثل إنتاج البلاستيك والطلاء. يمكن أن تسبب الهيدروكربونات مشاكل صحية وتساهم في تكوين الضباب الدخاني والأوزون الجوي.
لقياس تركيزات هذه الملوثات الغازية، يتم استخدام عدة طرق، بما في ذلك محللات الغاز، والمجسات الإلكتروكيميائية، وطرق الامتصاص الضوئي. يتم استخدام محللات الغاز، مثل كروماتوغرافيا الغاز وطيف الكتلة، لتحديد تركيزات الغازات بدقة عالية. أما المجسات الإلكتروكيميائية، فتستخدم لرصد تركيزات الغازات بشكل مستمر في الموقع. وتستند طرق الامتصاص الضوئي، مثل طيف الامتصاص المرئي أو الأشعة تحت الحمراء، على قياس امتصاص الضوء من قبل الملوثات الغازية.
الجسيمات الصلبة (PM):

تمثل الجسيمات الصلبة العالقة (PM) خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان والبيئة. تصنف الجسيمات الصلبة حسب حجمها، حيث تعتبر الجسيمات الدقيقة جدًا (PM2.5) والجسيمات الدقيقة (PM10) الأكثر خطورة. الجسيمات الدقيقة جدًا هي تلك التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر، بينما تتراوح الجسيمات الدقيقة بين 2.5 و 10 ميكرومتر.
تنتج الجسيمات الصلبة من مصادر طبيعية، مثل العواصف الترابية والبراكين، ومن مصادر بشرية، مثل احتراق الوقود في المركبات والمصانع، وعمليات البناء والهدم، وحرق النفايات. يمكن أن تحتوي الجسيمات الصلبة على مركبات عضوية وغير عضوية ضارة، مثل المعادن الثقيلة والهيدروكربونات المتعددة الحلقات.
تشكل الجسيمات الصلبة، وخاصة الجسيمات الدقيقة جدًا، خطرًا كبيرًا على صحة الجهاز التنفسي، حيث يمكن أن تسبب التهابات وأمراض مزمنة مثل الربو والسرطان. كما يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في القلب والأوعية الدموية وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
لقياس تركيز الجسيمات الصلبة في الهواء، يتم استخدام عدة طرق، بما في ذلك الترشيح، والتشتت الضوئي، والميكروبالانس. في طريقة الترشيح، يتم سحب عينة من الهواء عبر مرشح خاص، ثم يتم وزن المرشح لتحديد كمية الجسيمات الصلبة التي تم التقاطها. أما طريقة التشتت الضوئي، فتعتمد على قياس كمية الضوء المشتت من قبل الجسيمات الصلبة في الهواء. وفي طريقة الميكروبالانس، يتم قياس كتلة الجسيمات الصلبة باستخدام ميزان دقيق جدًا.
أجهزة ومعدات قياس جودة الهواء:
لمراقبة جودة الهواء وقياس مستويات الملوثات الغازية والجسيمات الصلبة، يتم استخدام مجموعة متنوعة من الأجهزة والمعدات لدى شركة فحوصات الجودة. تشمل هذه المعدات محطات مراقبة جودة الهواء الثابتة والمتنقلة، فضلاً عن أجهزة قياس محمولة وحقلية.
1. محطات مراقبة جودة الهواء الثابتة: تتكون هذه المحطات من مجموعة من الأجهزة المتخصصة لقياس تركيزات مختلف الملوثات الغازية والجسيمات الصلبة بشكل مستمر. يتم تركيب هذه المحطات في مواقع ثابتة ومختارة بعناية لتوفير بيانات طويلة الأمد عن جودة الهواء في منطقة معينة.
2. محطات مراقبة جودة الهواء المتنقلة: هذه المحطات مماثلة للمحطات الثابتة، ولكنها مصممة لتكون محمولة ومتنقلة. يمكن نقلها إلى مواقع مختلفة لإجراء قياسات لفترات زمنية محدودة أو لدراسة مصادر التلوث المحددة.
3. أجهزة قياس محمولة وحقلية: تشمل هذه الأجهزة محللات الغاز المحمولة، ومجسات إلكتروكيميائية، وأجهزة قياس الجسيمات الصلبة اليدوية. يمكن استخدامها لإجراء قياسات سريعة في الموقع أو لمراقبة مصادر التلوث المحددة.
تختلف مزايا وعيوب هذه الأجهزة والمعدات حسب التطبيق المحدد. على سبيل المثال، توفر محطات المراقبة الثابتة بيانات طويلة الأمد ودقيقة، ولكنها مكلفة وتتطلب صيانة منتظمة. في حين أن الأجهزة المحمولة أقل تكلفة وأكثر مرونة، ولكن قد تكون أقل دقة وتتطلب معايرة متكررة.
تحليل البيانات وإدارة جودة الهواء:
بمجرد جمع بيانات قياس جودة الهواء، يجب تحليلها وتفسيرها بشكل صحيح لفهم مستويات التلوث واتخاذ الإجراءات المناسبة. يتضمن تحليل بيانات جودة الهواء عدة خطوات، بما في ذلك:

1. معالجة البيانات: تنقيح البيانات الخام وإزالة القيم الشاذة أو غير الصحيحة.
2. حساب المتوسطات والتركيزات: حساب متوسطات التركيز لفترات زمنية مختلفة (ساعية، يومية، شهرية، سنوية).
3. تحديد الاتجاهات: رسم البيانات ورصد الاتجاهات في مستويات التلوث على مدار الزمن.
4. مقارنة بالمعايير: مقارنة مستويات التلوث بمعايير جودة الهواء المحلية والوطنية والدولية للتحقق من الامتثال.
بناءً على تحليل البيانات، يمكن اتخاذ إجراءات لإدارة جودة الهواء والحد من التلوث. تشمل استراتيجيات إدارة جودة الهواء ما يلي:
1. تحديد مصادر التلوث: استخدام البيانات لتحديد المصادر الرئيسية للملوثات الغازية والجسيمات الصلبة.
2. وضع سياسات وتشريعات: سن قوانين وتشريعات للحد من انبعاثات الملوثات من المصادر المختلفة.
3. تنفيذ تقنيات الحد من التلوث: تطبيق تقنيات مثل أنظمة الرصد والتحكم في الانبعاثات في المصانع والمركبات.
4. زيادة الوعي العام: تعزيز التوعية العامة حول آثار تلوث الهواء وكيفية الحد من المساهمة فيه.
يجب أن تكون إدارة جودة الهواء عملية مستمرة تتضمن مراقبة مستويات التلوث، وتقييم فعالية التدابير المتخذة، وتحديث الاستراتيجيات حسب الاقتضاء.
تعتبر القياسات الدقيقة لجودة الهواء ومستويات الملوثات الغازية والجسيمات الصلبة أمرًا بالغ الأهمية لمراقبة التلوث والحفاظ على البيئة النظيفة والصحية. من خلال استخدام التقنيات والأجهزة المناسبة، يمكن للمهندسين والعلماء جمع بيانات موثوقة وتحليلها لفهم مصادر التلوث واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منه.
في المستقبل، قد تساعد التطورات في مجالات مثل الاستشعار عن بعد والذكاء الاصطناعي في تحسين قياسات جودة الهواء وتوفير بيانات أكثر دقة وفي الوقت الفعلي. كما ستكون هناك حاجة إلى تعاون دولي أكبر لمواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ وتلوث الهواء العابر للحدود.